تحمل التطورات التقنية الكبرى فائدة عظيمة في تسهيل الأعمال اليومية، وتثير أيضًا مخاوف عظيمة بخصوص احتمالية الاستغناء عن وظائف بشرية بالكامل لتتولاها الآلة؛ لكن شركة “مكنزي وشركاه” الأمريكية للاستشارات الإدارية تؤكد أن نسبة النصف من الأنشطة الوظيفية – وليست الوظائف – التي يشغلها البشر يمكن إسنادها في المستقبل إلى الآلة، ففي دراسة لأكثر من 2000 نشاط وظيفي متعلق بـ 800 وظيفة مختلفة، وجدت الشركة أن هناك أنشطة أكثر قابلية للأتمتة من غيرها، وهي بالأساس الأنشطة المادية في بيئات العمل الروتينية وعمليات جمع البيانات ومعالجتها، وتمثل هذه الأنشطة حوالي نصف الأنشطة الوظيفية التي يؤديها البشر في مختلف قطاعات العمل.
صحيحٌ أن جميع الوظائف تقريبًا ستتأثر بالأتمتة، إلا أن 5% فقط من هذه الوظائف يمكن أتمتتها بالكامل اعتمادًا على التقنيات المتوفرة حاليًا، في حين تتأثر بقية الوظائف جزئيًا من خلال أتمتة حوالي 30% من الأنشطة في 60% من الوظائف بهدف تيسير العمل البشري من أدنى المراتب الوظيفية إلى أعلاها.
وظائف مهددة بالانقراض
انتهت الدراسة إلى أن نسبة العمالة التي قد تطيح بها الآلة بحلول عام 2030 هي 15% بواقع 400 مليون عامل، وقد تصل هذه النسبة إلى الضعف في أسرع سيناريوهات التطور التقني، أو تتضاءل لتصل إلى 10 ملايين عامل فقط في أبطأ السيناريوهات. تتوقف سرعة هذه السيناريوهات على عدة عوامل، أهمها مدى جدوى التوجه إلى العمل الآلي فنيًا وماديًا، وتغير احتياجات سوق العمل مما يؤثر على مدى الحاجة إلى الإنسان.
وظائف من رحم عصر الآلة
ثمّة بشرى سارة هي أن وظائف أخرى ستُستحدث في عالمنا مع التطور التقني لتزيد الطلب على عمالة جديدة، فبحلول عام 2030 يُتوقع وجود طلب على عمالة جديدة بنسبة تتراوح بين 21% و33% بواقع 555 إلى 890 فرصة عمل جديدة، لتتجاوز نسبة الوظائف المُستغنى عنها.
الإنسان والآلة يدًا بيد
هناك نبأ سار آخر هو أن الآلة ستطوّر عدة وظائف بشرية وتزيد المنفعة منها، فمثلًا ستساهم خوارزميات الذكاء الاصطناعي المُستخدمة في تشخيص المرضى في تحسين جودة عمل الأطباء وتطوير الرعاية الصحية، وستقل الحاجة في وظائف عديدة إلى إضاعة الوقت في المهام المتكررة لينتقل تركيز العمالة البشرية إلى مراقبة عمل الآلة وإنجاز المهام الإبداعية.